15/05/2006
الحوار السياسي الراقي شيء والصراع السياسي الخفي شيء آخر.اذا صدقت الأنباء بان الحكومة ستتجاوب مع بعض النواب لاحالة مشروع قانون تعديل الدوائر الانتخابية الى المحكمة الدستورية للبت في دستورية المشروع، فان ذلك يعتبر امرا 'معيبا قانونيا' للحكومة للأسباب التالية:1- ان الحكومة نفسها هي التي احالت المشروع الى المجلس، وهي التي تملك جهاز الفتوى والتشريع وتمتلك جيشا من الخبراء الدستوريين، وبالتالي فان مشاريعها يجب ان تكون مدروسة دستوريا بدرجة كبيرة وموافقتها على التحويل يعني:أ- انها لا تثق بخبرائها الدستوريين.ب- انها لا تثق بخبراء الفتوى والتشريع.ج - انها تضع المشاريع دون استشارة احد! وهي الطامة الكبرى ان فعلت ذلك.2- ان الحكومة تريد من تحويل المشروع الى المحكمة الدستورية:أ- إرضاء مجموعة من النواب لحاجة في نفسها!ب- تريد إضاعة الوقت لحين موعد الانتخابات المقبلة كي تبقى الدوائر الانتخابية على ما هي عليه.ج- تريد إضاعة وقت المحكمة الدستورية وهدره بطريقة غير مسبوقة من أي دولة في العالم من قبل.3- الحكومة لا تستطيع امام المد الاصلاحي الدولي وامام برنامج الأمم المتحدة الانمائي الذي يطالب الدول النامية بالتنمية السياسية والاصلاح السياسي، لا تستطيع امام ذلك كله الامتناع، ولكنها في الوقت نفسه تستخدم كل وسائل الدولة القانونية وحقها في اللجوء الى المحكمة الدستورية للظهور امام العالم بمظهر الاصلاح من جهة، ولتضييع الوقت من جهة اخرى.واذا قامت الحكومة بهذا المسلك فانها بالتالي تعلن عدم التعاون للنصف الآخر من الاعضاء الذين يمكنهم حينها استخدام الادوات الدستورية التي منحهم الدستور اياها ويقومون بالاسلوب نفسه الذي تمارسه الحكومة.وعندها فان التوتر السياسي في البلد سيصل الى مداه ويكون المتسبب فيه هي الحكومة بالدرجة الأولى من اجل ارضاء مجموعة من النواب، وسنكون يومها 'فرجة للعالم'. وان كانت على المستوى السياسي ستكون قمة الممارسة الديموقراطية في دولة من دول العالم الثالث يستخدم المجلس النيابي اعلى درجات المساءلة الدستورية للسلطة التنفيذية وسيكون حينها اما 'من وأما فداء'.
عبدالمحسن يوسف جمال
No comments:
Post a Comment